في الإسكندرية.. منطقة أثرية تشوهها عقارات آيلة للسقوط

عامود السواري ومقابر أثرية في جهة.. والجانب الآخر: مساكن تزينها الشروخ

 

كتبت- غادة جمال
تحوي محافظة الإسكندرية الكثير من المعالم ما بين سياحية وترفيهية وأثرية، يأتي إليها السائحين من شتى بقاع الأرض ليشاهدوا روعتها وجمالها، وتعد منطقة كوم الشقافة من أشهر تلك المناطق بالمدينة حيث عامود السواري ومقابر كوم الشقافة.

لكن المظهر الحضاري والأثري لم يكتمل وأصبحت تشوبه عقارات آيلة للسقوط، لتجمع المنطقة بين الحضارة التي لم يهزها الزمن ومساكن شوهتها الشروخ ما يجعلها مستعدة للانهيار في أي وقت.
فما بين شهر وآخر تتداول الأنباء عن سقوط عقارات ومنازل بمنطقة كوم الشقافة الأثرية، ما يجعل أهلها دائمًا في أتم استعداد لاستقبال كارثة تلو أخرى.

في هذا التقرير نأخذكم في جولة لمنطقة كوم الشقافة بكرموز غرب مدينة الإسكندرية، لرصد أجوائها خاصة بعد سقوط أحد العقارات في الفترة الأخيرة.

عامود السواري

البداية كانت بجولة لعامود السواري فهو من الآثار الرومانية بالمحافظة، فعند الدخول للمكان تستمتع بالهواء الطلق والمناظر الخلابة إلى أن تصل

لدرجات تتجه للأسفل، فتجد أمامك اتجاهين على اليمين به باب أمامه لافتة صغيرة من الخشب كتب عليها “المكتبة الصغرى”.

أما على اليسار فنحن بصدد بضع درجات تتجه للأعلى وبجانبه لافتة خشبية عليها “قدس الأقداس”، وعند دخولك للمكتبة الصغرى تتسارع نبضات قلبك وتشعر برهبة تمنعك من الدخول بمفردك، ثم تجد ممر به درجات تتجه تعرج من خلالها للأسفل ما يشعرك وقتها تشعر برطوبة الجو وإحساس الرهبة الذي يزداد بداخلك.
الظلام يخيم على الأجواء كلما كثرت خطواتك للأسفل، يدفعك لإضاءة الكشاف لتكتشف أنه لا زال هناك مزيد من الدرجات إلى للأسفل.

وصفنا للمكتبة الصغرى لا ينسينا “قدس الأقداس” فعند دخولك إليه تجد ممر في نهايته تمثال المعبود “سيرا بيس”، تتأمل فيه لبضع دقائق ثم تخرج من هذا المكان وتصعد للأعلى مجددًا لتجد حوض التطهير.
ويقع عامود السواري في مكان متوسط في بهو معبد “السرابيوم” وفي مكان بارز بين الآثار القائمة على ذلك التل المرتفع ما يسمح برؤيته من الأماكن البعيدة.

وأقيم عامود السواري فوق تل باب سدرة بين منطقة مدافن المسلمين الحالية والمعروفة باسم “العمود” وبين هضبة كوم الشقافة الأثرية، والأرجح أن هذا العامود أقامه السكندريون للإمبراطور الروماني “دقلديانوس” تعبيرا عن شكرهم له بعد ان جاء الى مصر في النصف الثاني من القرن الثالث وأخمد الثورة التي قادها في الإسكندرية القائد الروماني دوميتيانوس الملقب بأخيل.

مقابر كوم الشقافة
ومن السواري إلى المقبرة الأثرية وسميت باسم كوم الشقافة لكثرة بقايا شقف الفخار التي كانت تتراكم في هذه المنطقة، بينما لها لقب مصري قديم باسم “رع قدت”.

تلك المقبرة تعد من أشهر وأهم المقابر بالإسكندرية وهي من نوع “كتاكومب” وهذا النوع من المقابر انتشر في الثلاثة قرون الأولى الميلادية في إيطاليا واليونان، وتم الكشف عنها بالصدفة البحتة عندما سقطت عربة يجرها حمار في حفرة وعند انتشال العربة اكتشفت أجزاء من هذه الجبانة فريدة الطراز والمؤرخة بنهاية القرن الاول الميلادي وظلت تستخدم حتى النصف الأول من القرن الرابع الميلادي.

وتتكون المقبرة من ثلاث طوابق تحت الأرض، إذ تبدأ بمدخل يؤدي إلى سلم حلزوني يدور حول بئر مركزي دائري للإضاءة بعمق عشرة أمتار ويتخلل جدرانه فتحات على شكل نوافذ، ويبدأ الطابق الأول في نهاية السلم الحلزوني بممر صغير على جانبيه فجوتان تشبهان المحراب، ثم الصالة المستديرة وحجرة المآدب والمقبرة الرئيسية وحجرة الدفن وصالة كاراكلا.

وعلى الرغم من أهمية هذا المكان السياحي لمحافظة الإسكندرية، إلا أن منطقة كوم الشقافة بكرموز يوجد بها الكثير من العقارات المائلة والآيلة للسقوط التي تهدد حياة المواطنين وتشوه الصورة الجمالية لهذا المكان الأثري العريق.