قاضي إيطالي يُسقِط 81 ألف يورو من الديون عن عائلة مكوّنة من خمسة أفراد
في واقعة إنسانية نادرة، أصدر قاضٍ في محكمة بيروجيا الإيطالية يوم الخميس 4 يوليو/تموز 2025 قرارًا بإلغاء ديون تُقدّر بـ81 ألف يورو كانت تُثقل كاهل عائلة مكوّنة من أب وأم وثلاثة أطفال، بعد أن غرقت الأسرة في أزمة مالية خانقة كادت أن تودي بها إلى التشرد.
مأساة اقتصادية واجتماعية
بدأت معاناة الأسرة عندما فقد الأب عمله بسبب إصابة جسدية أدت إلى عجز دائم، وتزامن ذلك مع انهيار مشروعه التجاري الخاص. كما ازدادت محنتهم سوءًا عندما أصبحت منزلهم غير صالح للسكن نتيجة للزلزال الذي ضرب المنطقة، ما أجبرهم على الانتقال للعيش في منزل مستأجر دون القدرة على دفع الإيجار بشكل منتظم.
وتعتمد الأسرة اليوم على دخل محدود للغاية: راتب مؤقت للأم يبلغ 1400 يورو شهريًا لمدة عشرة أشهر فقط، إضافة إلى بدل إصابة بقيمة 600 يورو للأب، و600 يورو أخرى كإعانة شهرية للأطفال الثلاثة، وهو مبلغ لا يكفي لتأمين الاحتياجات الأساسية.
“إسقاط الديون عن العاجزين”
بمساعدة قانونية من المحامي فرانشيسكو مايوركا وخبير شؤون الإفلاس كارلو أورلاندو، قدمت الأسرة طلبًا للاستفادة من آلية قانونية تُعرف في إيطاليا باسم “إسقاط الديون عن العاجزين” (esdebitazione dell’incapiente)، والتي تسمح بإعفاء الأشخاص أو الأسر التي لا تملك أية قدرة اقتصادية من تسديد ديونها، شريطة إثبات حسن النية وعدم التورط في سلوك احتيالي.
وقد رأى القاضي أن الأسرة تصرفت بحسن نية، وأن أوضاعها تبرر إسقاط الديون عنها بالكامل، مؤكدًا على “الطبيعة الكارثية للظروف التي مرّوا بها”.
التزامات مستقبلية:
رغم إسقاط الديون، فرض القاضي على الأسرة التزامًا بتقديم تحديث سنوي لوضعها المالي حتى عام 2027، على أن تستخدم أي زيادات مستقبلية في الدخل لتسديد جزء من الديون إذا أصبحت قادرة على ذلك.
هذه القضية تُعد سابقة قضائية هامة في إيطاليا، وتعكس كيف يمكن للقانون أن يكون أداة للرحمة والعدالة في مواجهة الأزمات الإنسانية والاقتصادية، خاصة عندما تكون الأسرة ضحية لظروف خارجة عن إرادتها.
التعليف القانوني:
” أرى أن هذه القضية تُجسّد أحد التطبيقات الإنسانية الراقية لقانون الإجراءات الجماعية في إيطاليا، وتحديدًا آلية esdebitazione dell’incapiente، التي أُدخلت في الإصلاحات الأخيرة لمواجهة ظاهرة الفقر المدقع الناتج عن الديون المتراكمة، ما فعله القاضي في بيروجيا يعكس فهمًا متقدمًا لمفهوم ‘الجدارة’ أو meritevolezza، أي التمييز بين من سقط في العجز المالي بسبب ظروف قاهرة ومن تعمّد الاحتيال أو الإهمال.
الأهم من ذلك أن القرار لا يعفي الأسرة بشكل مطلق، بل يُبقي الباب مفتوحًا لإعادة التسديد في حال تحسنت الظروف، مما يُحقق التوازن بين مصلحة المدين وحماية حقوق الدائنين.
Share this content:
