مقالات رأي

صموئيل العشاي: نحتفل بأعياد فرعونية ومسيحية وإسلامية في أسبوع واحد

صموئيل العشاي: نحتفل باعياد فرعونية ومسيحية وإسلامية فى أسبوع واحد

تحتفل مصر بثلاث مناسبات مترابطة، تجمع بين البعد الديني والتاريخي والشعبي، لتخلق أجواءً من الفرح والتضامن الوطني.

هذه المناسبات ليست مجرد احتفالات، بل هي مناسبات ترسخ الهوية المصرية وتعزز التعايش بين مختلف أطياف المجتمع. لكون المصريين بطبيعتهم يميلون إلى الاحتفاء بالحياة والتاريخ، وهو ما يظهر جليًا في هذه المناسبات التي تعيد ربطهم بتراثهم المشترك وقيمهم الراسخة.

رأس السنة المصرية (6266 فرعوني)

مجلة نجوم مصر

تحتفل مصر في الحادي عشر من سبتمبر برأس السنة المصرية، وهو التاريخ الذي يمثل بداية عام جديد في التقويم المصري، الذي يُعد من أقدم التقويمات المعروفة في العالم.

هذا التقويم وضعه الفراعنة، الذين اعتمدوا على فيضان النيل لضبط مواقيت الزراعة والحصاد. كان المصريون القدماء يعتبرون هذا الفيضان بمثابة هبة من السماء، بالرخاء والخير التي كانت تأتي مع غمر الأراضي بالمياه الطيبة، قبل بناء السد العالي الذي غير نمط الزراعة بشكل كبير.

الاحتفالات بهذا اليوم تُقام في الأماكن المفتوحة وعلى ضفاف النيل، و يخرج المصريون للاستمتاع بالهواء الطلق والمناظر الطبيعية التي ترتبط بتجديد الحياة مع فيضان النيل.

رأس السنة القبطية (عيد النيروز)

في نفس اليوم، 11 سبتمبر، تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية برأس السنة القبطية، أو عيد النيروز. ويعد هذا التقويم امتدادًا للتقويم المصري الفرعوني، حيث تتطابق شهور السنة في كلا التقويمين.

النيروز يعني “اليوم الجديد”، وهو بداية سنة جديدة في حياة الأقباط المصريين، وتحديدًا في ذكرى الشهداء الذين استشهدوا في فترات الاضطهاد الروماني للمسيحية في مصر.

يرمز هذا اليوم إلى التضحية والصمود، حيث تعتبر الكنيسة أن الشهداء الذين استُشهدوا من أجل إيمانهم يمثلون نموذجًا للقوة والإخلاص. وارتبط عيد النيروز بتناول البلح، الذي يرمز قلبه
الصلب إلى صمود الشهداء، وحلاوته إلى مكافأتهم الأبدية. وترتبط الجوافة، ببياضها إلى النقاء والبراءة.

المولد النبوي الشريف

وبعدها بخمس ايام ، و في 16 سبتمبر، يأتي الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، وهو يوم له مكانة خاصة في قلوب المصريين جميعًا، مسلمين وأقباطًا على حد سواء.

المولد النبوي لا يمثل فقط مناسبة دينية، بل هو فرح شعبي مصري يتجلى في الموالد والاحتفالات الجماهيرية.

تنتشر في كافة أنحاء مصر قبل المناسبة بشهرين
حلوى المولد النبوي التي تباع فى الأسواق، ويردد الباحثين إلى ان هذا الاحتفال يعود إلى العصر الفاطمي، حيث تشتهر الحمصية والسمسمية والفولية وغيرها من الحلويات التي تُصنع خصيصًا لهذا اليوم.

ولكن الباحثون فى التاريخ المصري يؤكدون ان المصريون يحتفلون ببعض الأعياد القديمة بصنع الحلوى فى المنازل، فضلا عن ان بعض الأحياء المصرية والمناطق تتزين بالأضواء والزينات، ويشهد الناس احتفالات فى مناطق القاهرة القديمة ودور الثقافة المصرية.

وفى القديم كانت تجوب شوارع القاهرة مواكب صاخبة مليئة بالأناشيد الدينية، في حالة من الفرح والبهجة.

وتصنع النساء المصريات أطباق الحلويات ويتم إهدائها للأسر المصرية دون النظر إلى ديانة الاسرة بل يبتهج الجميع معا.

التمازج الشعبي والديني

على الرغم من أن هذه المناسبات تختلف في طابعها الديني والتاريخي، فإن المصريين يجتمعون في أجواء احتفالية تمتزج فيها العادات والتقاليد مع قيم الوحدة الوطنية. فالمصريون، سواء كانوا مسلمين أو أقباطًا، يحتفلون معًا في كل مناسبة، ما يعكس قوة وترابط شعبنا الأصيل.

وتمثل هذه المناسبات فرصة للتأكيد على الهوية المصرية التي تمتد جذورها في عمق التاريخ. الاحتفال برأس السنة المصرية يعيد التذكير بتراث حضاري يمتد لآلاف السنين، في حين أن الاحتفال بعيد النيروز يعزز قيم الإيمان. أما المولد النبوي الشريف، فيجمع بين القيم الدينية والتراث الشعبي، مما يعكس روح الاحتفال الجماعي التي تميز المجتمع المصري.

Share this content:

نهى عراقي

نهى عراقي ليسانس أداب وكاتبة وقصصية وشاعرة وكاتبة محتوى وأبلودر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى